نظاما EES و ETIAS: ثورة في إدارة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي
في عصر العولمة والتهديدات الأمنية المتطورة، يسعى الاتحاد الأوروبي باستمرار إلى تحقيق التوازن بين تسهيل حركة المسافرين الشرعيين وتعزيز أمن حدوده الخارجية. انطلاقًا من هذه الرؤية، يستعد الاتحاد لإطلاق نظامين تقنيين متطورين هما: نظام الدخول/الخروج (EES) ونظام المعلومات والتصريح للسفر الأوروبي (ETIAS). يمثل هذان النظامان نقلة نوعية في كيفية مراقبة ومراجعة المسافرين من الدول غير الأعضاء في الاتحاد، مما يجعلهما ركيزتين أساسيتين في استراتيجية "أوروبا الآمنة".
---
أولاً: نظام الدخول/الخروج (Entry/Exit System - EES)
1. الهدف الأساسي:
يهدف نظام EES إلى استبدال الختم اليدوي على جوازات السفر ب系统 إلكتروني مركزي لتسجيل بيانات الدخول والخروج للمسافرين من الدول الثالثة الذين يدخلون منطقة شنغن لفترات إقامة قصيرة(حتى 90 يومًا within 180 يومًا).
2. آلية العمل:
عند عبور المسافر نقطة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي،سيتم جمع البيانات التالية إلكترونيًا وتخزينها في قاعدة بيانات مركزية:
· البيانات الحيوية: صورة الوجه الرقمية وبصمات الأصابع الأربع.
· معلومات السفر: بيانات جواز السفر (الاسم، الجنسية، رقم الجواز، إلخ).
· تفاصيل الدخول/الخروج: تاريخ ومكان العبور، ومدة الإقامة المسموح بها.
3. المزايا والفوائد المتوقعة:
· تعزيز الأمن: الكشف عن المسافرين الذين تجاوزوا مدة الإقامة المسموح لهم بها (ظاهرة "Overstayers")، مما يساعد في مكافحة الهجرة غير النظامية.
· مكافحة الجريمة والإرهاب: توفير أداة فعالة لسلطات إنفاذ القانون لتحديد ومتابعة الأفراد المشتبه بهم.
· تسريع عمليات العبور على الحدود: يقلل من الحاجة إلى فحص الجوازات يدويًا، مما يسرع عملية العبور للمسافرين النظاميين، خاصة عند استخدام البوابات الإلكترونية (e-Gates).
· دقة المعلومات: يلغي الأخطاء البشرية في الختم اليدوي ويوفر بيانات إحصائية دقيقة حول حركة المسافرين.
---
ثانيًا: نظام المعلومات والتصريح للسفر الأوروبي (European Travel Information and Authorisation System - ETIAS)
1. الهدف الأساسي:
يستهدف ETIAS مواطني الدول التي لا تحتاج حالياًإلى تأشيرة لدخول منطقة شنغن (أكثر من 60 دولة، بما في ذلك بعض مواطني دول الخليج). الهدف هو تقييم المخاطر الأمنية والهجرية لهؤلاء المسافرين قبل وصولهم إلى الحدود.
2. آلية العمل:
· طلب إلكتروني مسبق: على المسافر التقديم عبر موقع إلكتروني أو تطبيق محمول قبل السفر بفترة كافية.
· رسوم رمزية: دفع رسوم طلب صغيرة (حوالي 7 يورو).
· الفحص الآلي ضد قواعد البيانات: يتم فحص بيانات مقدم الطلب (الاسم، تاريخ الميلاد، جواز السفر، إلخ) تلقائيًا ضد قواعد بيانات أمنية أوروبية ودولية (مثل نظام شنغن، يوروبول، الإنتربول).
· منح التصريح: في الغالبية العظمى من الحالات (يُتوقع أن تصل إلى 95%)، يتم منح التصريح تلقائيًا خلال دقائق. التصريح ساري المفعول لمدة 3 سنوات أو حتى انتهاء صلاحية جواز السفر.
---
ثالثاً: التكامل بين النظامين والفوائد المشتركة
لا يعمل النظامان بمعزل عن بعضهما، بل هما متكاملان بشكل وثيق:
1. ETIAS هو "بوابة المراقبة الأمامية": يمنح الإذن بالسفر بناءً على تقييم مسبق للمخاطر.
2. EES هو "نظام المراقبة التنفيذية": يسجل الدخول الفعلي ويؤكد أن المسافر دخل وغادر ضمن الإطار الزمني المسموح به.
معًا، يحققان:
· طبقات متعددة من الأمن: فحص قبل السفح (ETIAS) ومراقبة أثناء وبعد الإقامة (EES).
· منع الاحتيال والانتحال: استخدام البيانات الحيوية في EES يمنع استخدام وثائق السفر المسروقة أو المزورة.
· ذكاء جماعي: توفير كم هائل من البيانات الدقيقة لصناع القرار لتحليل أنماط الهجرة والتهديدات الأمنية.
---
التحديات والانتقادات
رغم المزايا، يواجه النظامان بعض الانتقادات:
· مخاوف الخصوصية: جمع البيانات الحيوية والحساسة على نطاق واسع يثير تساؤلات حول حماية هذه البيانات من الاختراق أو سوء الاستخدام.
· تعقيد الإجراءات: قد يشكل عبئًا إضافيًا على المسافرين المعفيين سابقًا من مثل هذه الإجراءات.
· ازدحام عند الحدود: في الفترة الأولى للتطبيق، قد تؤدي عمليات التسجيل الأولى في EES إلى إطالة أوقات الانتظار على المعابر الحدودية.
---
الخلاصة
يمثل إطلاق نظامي EES و ETIAS تحولاً جذريًا في فلسفة إدارة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. إنه انتقال من النموذج التفاعلي القائم على الفحص اليدوي إلى نموذج استباقي ذكي، يعتمد على البيانات والتحليل الآني. بينما تبرز تحديات تتعلق بالخصوصية والكفاءة التشغيلية، فإن الفوائد المتوقعة في تعزيز الأمن القومي، ومكافحة الهجرة غير النظامية، وتسريع حركة المسافرين الشرعيين، تجعل من هذين النظامين أداتين محوريتين في بناء فضاء شنغن أكثر أمانًا وذكاءً في المستقبل المنظور.
---
تعليقات
إرسال تعليق